من سنن الله الكونية استمرار الصراع بين الحق والباطل، ودوام المدافعة بين الهدى والضلال؛ لذا فقد أمرنا الله بالثبات على الدين، وأوجب علينا موالاة المسلمين والبراءة من الكافرين، وحذرنا من التشبه بأعداء الدين، مهما بلغت حضارتهم قوة وتقدماً، وتردت أحوال المسلمين ضعفاً وتخلفاً وتفرقاً، فالعزة بالدين القويم، والفخر بالسير على الصراط المستقيم، وليس بالقوة المادية، ولا بالنظم الحضارية، ولا الشعارات الجاهلية، قال تعالى: (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) (آل عمران:196، 197)، وهذه الشعارات البراقة قادت جماهية من المسلمين إلى مشابهة أعدائهم، واتباعهم حتى في شعائر دينهم وأخص عاداتهم وتقاليدهم، كالأعياد والاحتفالات التي هي من جملة الشرائع والمناهج والعبادات، والله عز وجل يقول: (وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً) (المائدة: من الآية48).
وبما أن الإسلام دين الكمال والتمام، فالناقص منه خاطئ ذميم، والزائد فيه معتد أثيم، كان أمر الأعياد وما به الاعتياد مما اختص الله بتشريعه، وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من إحداثه أو المشاركة في عيد غير المسلمين، يستوي في ذلك إحياء ما اندثر من أعياد المشركين، أو ابتداع أعياد جديدة لم يشرعها رب العالمين.
هذا وإن من الأعياد المبتدعة، والاحتفالات المخترعة، ما يسمى بـ"عيد الحب" (فالنتاين Valentine Day) وهو عيد وثني نصراني، لا أصل له في دين الله، وإنما هو مما أملته أهواء الكفار، وأفرزته شهوات الفجار، ممن لا خلاق له ولا دين مستقيم، ولا أدب ولا منهج قويم، وقد شاركهم فيه طائفة من أبناء وبنات المسلمين، واحتفل به بعض ضعاف الدين، فسلكوا سبيل المغضوب عليهم والضالين، فصدق فيهم قوله صلى الله عليه وسلم: "لتتبعن سنن من قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى قال: فمن"،
وتعرضوا بهذا الفعل لاستحقاق عقوبة الطرد والإبعاد عن حوض النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة، قال صلى الله عليه وسلم: "أنا فرطكم على الحوض، وليرفعن إلي رجال منكم حتى إذا أهويت إليهم لأناولهم اختلجوا دوني، فأقول: أي رب! أصحابي. فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك". وفي رواية: "فأقول سحقاً لمن بدل بعدي"(2). إن من أشهر أعياد النصارى اليوم ما يسمى بـ"عيد الحب" (فالنتاين Valentine Day): حيث يحتفلون به في يوم 14 فبرايرمن كل سنة تعبيراً عما يسمونه في دينهم الوثني بـ"الحب الإلهي"، وقد أُحدِث هذا العيد قبل ما يزيد على (1700 عام)، في وقتٍ كانت الوثنية هي السائدة عند الرومان، حيث أعدمت دولتهم القديس (فالنتاين) الذي اعتنق النصرانية بعد أن كان وثنياً، فلما اعتنق الرومان النصرانية جعلوا يوم إعدامه مناسبة للاحتفال بشهداء الحب، ولا زال الاحتفال بهذا العيد قائماً في أمريكا وأوروبا؛ لإعلان مشاعر الصداقة، ولتجديد عهد الحب بين المتزوجين والمحبين، وأصبح لهذا العيد اهتمامه الاجتماعي والاقتصادي.
و"عيد الحب" هذا مجموع عندهم من أعيادٍ ثلاثة، أو تجتمع فيه ثلاث مناسبات يحتفلون فيه بها، وهي:
1 – يوم 14 من الشهر الثاني الميلادي (فبراير) يومٌ مقدّس للإلاهة "يونو" ملكة الآلهة الرومانية، وإلاهة النساء والزواج عندهم.
2 – يوم 15 فبراير يومٌ مقدس للإلاهة "ليسيوس"، وهي ذئبة – أنثى الذئب – أرضعت – بزعمهم – الطفلين "روميولوس" و"ريموس" مؤسسي مدينة روما، ولهما تمثالان كبيران فيها وهما يرضعان من الذئبة. وقد كان الاحتفال بهذا العيد في معبد "إل ليسوم" أي: معبد الحب، وسُمّي بهذا الاسم؛ لأن الذئبة أحبّب ورحمت الطفلين المذكورين.
3 – عندما وجد الإمبراطور الروماني "كلاوديوس" صعوبة في تجنيد كافة رجال روما للحرب، ورأى أن سبب ذلك هو عدم رغبة الرجال المتزوجين الخروج وترك أهاليهم؛ منعهم من الزواج لكن القِس "فالنتاين" لم يطع أمر الإمبراطور، فكان يزوج الناس في كنيسته سرّا؛ فاعتقله الإمبراطور وقتله في 14 فبراير 269م، فغيّرت الكنيسة ذلك العيد من عيد عبادة الذئبة "ليسيوس" إلى عيد عبادة وذكرة القديس "الشهيد: فالنتاين"، وله تمثال كبير في دول أوروبا.
*** قصة عيد الحب
يعتبر عيد الحب من أعياد الرومان الوثنيين، إذ كانت الوثنية سائدة عند الرومان قبل ما يزيد على سبعة عشر قرنا. وهو تعبير في المفهوم الوثني الروماني عن الحب الإلهي.
ولهذا العيد الوثني أساطير استمرت عند الرومان، وعند ورثتهم من النصارى، ومن أشهر هذه الأساطير: أن الرومان كانوا يعتقدون أن (رومليوس) مؤسس مدينة (روما) أرضعته ذات يوم ذئبة فأمدته بالقوة ورجاحة الفكر.
فكان الرومان يحتفلون بهذه الحادثة في منتصف شهر فبراير من كل عام احتفالا كبيرا وكان من مراسيمه أن يذبح فيه كلب وعنزة، ويدهن شابان مفتولا العضلات جسميهما بدم الكلب والعنزة، ثم يغسلان الدم باللبن، وبعد ذلك يسير موكب عظيم يكون الشابان في مقدمته يطوف الطرقات. ومع الشابين قطعتان من الجلد يلطخان بهما كل من صادفهما، وكان النساء الروميات يتعرضن لتلك اللطمات مرحبات، لاعتقادهن بأنها تمنع العقم وتشفيه.
***شعائرالنصارى في هذا العيد:
من أهم شعائرهم فيه:
1- إظهار البهجة والسرور فيه كحالهم في الأعياد المهمة الأخرى.
2- تبادل الورود الحمراء، وذلك تعبيرا عن الحب الذي كان عند الرومان حبا إلهيا وثنيا لمعبوداتهم من دون الله تعالى. وعند النصارى عشقا بين الحبيب ومحبوبته، ولذلك سمي عندهم بعيد العشاق.
3- توزيع بطاقات التهنئة به، وفي بعضها صورة (كيوبيد) وهو طفل له جناحان يحمل قوسا ونشابا. وهو اله الحب عند الأمة الرومانية الوثنية تعالى الله عن إفكهم وشركهم علوا كبيرا.
4- تبادل كلمات الحب والعشق والغرام في بطاقات التهنئة المتبادلة بينهم -عن طريق الشعر أو النثر أو الجمل القصيرة، وفي بعض بطاقات التهنئة صور ضاحكة وأقوال هزلية، وكثيرا ما كان يكتب فيها عبارة (كن فالنتينيا) وهذا يمثل المفهوم النصراني له بعد انتقاله من المفهوم الوثني.
5- تقام في كثير من الأقطار النصرانية حفلات نهارية وسهرات وحفلات مختلطة راقصة، ويرسل كثير منهم هدايا منها: الورود وصناديق الشوكولاته إلى أزواجهم وأصدقائهم ومن يحبونهم.
*** لماذا لا نحتفل بهذا العيد؟!
كثير ممن يحتفلون بهذا العيد من المسلمين لا يؤمنون بالأساطير والخرافات المنسوجة حوله سواء ما كان منها عند الرومان أو ما كان عند النصارى، وأكثر من يحتفلون به من المسلمين لا يعلمون عن هذه الأساطير شيئا، وإنما دفعهم إلى هذا الاحتفال تقليد لغيرهم أو شهوات ينالونها من جراء ذلك.
وقد يقول بعض من يحتفل به من المسلمين: إن الإسلام دعا إلى المحبة والسلام، وعيد الحب مناسبة لنشر المحبة بين المسلمين فما المانع من الاحتفال به؟!
وللإجابة على ذلك أوجه عدة منها:
الوجه الأول: أن الأعياد في الإسلام عبادات تقرب إلى الله تعالى وهي من الشعائر الدينية العظيمة، وليس في الإسلام ما يطلق عليه عيد إلا عيد الجمعة وعيد الفطر وعيد الأضحى. والعبادات توقيفية، فليس لأحد من الناس أن يضع عيداً لم يشرعه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم. وبناءا عليه فان الاحتفال بعيد الحب أو بغيره من الأعياد المحدثة يعتبر ابتداعا في الدين وزيادة في الشريعة، واستدراكا على الشارع سبحانه وتعالى.
الوجه الثاني: أن الاحتفال بعيد الحب فيه تشبه بالرومان الوثنيين ثم بالنصارى الكتابيين فيما قلدوا فيه الرومان وليس هو من دينهم. وإذا كان يمنع من التشبه بالنصارى فيما هو من دينهم حقيقة إذا لم يكن من ديننا فكيف بما أحدثوه في دينهم وقلدوا فيه عباد الأوثان!!
وعموم التشبه بالكفار - وثنيين كانوا أم كتابيين - محرم سواء كان التشبه بهم في عقائدهم وعباداتهم -وهو أشد خطرا- أم فيما اختصوا به من عباداتهم وأخلاقهم وسلوكياتهم كما قرر ذلك علماء الإسلام استمدادا من الكتاب والسنة واجماع الصحابة رضي الله عنهم :
1- فمن القرآن قول الله تعالى: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم) (آل عمران 105) وقال تعالى: ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون) (الحديد 16) فالله تعالى حذر المؤمنين من سلوك مسلك أهل الكتاب - اليهود والنصارى - الذين غيروا دينهم، وحرفوا كتبهم، وابتدعوا ما لم يشرع لهم، وتركوا ما أمرهم الله تعالى به.
2- ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من تشبه بقوم فهو منهم) ( أخرجه أحمد 2/50 وأبو داود 4021) قال شيخ الإسلام: ( هذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله تعالى( ومن يتولهم منكم فانه منهم) (الاقتضاء 1/314) وقال الصنعاني: (فإذا تشبه بالكافر في زي واعتقد أن يكون بذلك مثله كفر، فان لم يعتقد ففيه خلاف بين الفقهاء: منهم من قال: يكفر، وهو ظاهر الحديث، ومنهم من قال: لا يكفر ولكن يؤدب) (سبل السلام 8/248)
3- وأما الإجماع فقد نقل ابن تيمية أنه منعقد على حرمة التشبه بالكفار في أعيادهم في وقت الصحابة رضي الله عنهم، كما نقل ابن القيم إجماع العلماء على ذلك. (انظر الاقتضاء 1/454) وأحكام أهل الذمة (2/722-725) والتشبه بالكفار فيما هو من دينهم -كعيد الحب- أخطر من التشبه بهم في أزيائهم أو عاداتهم أو سلوكياتهم، لأن دينهم إما مخترع وإما محرف، وما لم يحرف منه فمنسوخ، فلا شيء يقرب إلى الله تعالى فإذا كان الأمر كذلك فان الاحتفال بعيد الحب تشبه بعباد الأوثان -الرومان- في عباداتهم للأوثان، ثم بأهل الكتاب في أسطورة حول قديس عظموه وغلوا فيه. وصرفوا له ما لا يجوز صرفه للبشر بأن جعلوا له عيدا يحتفلون به.
الوجه الثالث: أن المقصود من عيد الحب في هذا الزمن إشاعة المحبة بين الناس كلهم مؤمنهم وكافرهم وهذا مما يخالف دين الإسلام فإن للكافر على المسلم العدل معه، وعدم ظلمه، كما أن له إن لم يكن حربيا ولم يظاهر الحربيين البر من المسلم إن كان ذا رحم عملا بقوله تعالى ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين)(الممتحنة:
. ولا يلزم من القسط مع الكافر وبره صرف المحبة والمودة له، بل الواجب كراهيته في الله تعالى لتلبسه بالكفر الذي لا يرضاه الله سبحانه كما قال تعالى (ولا يرضى لعباده الكفر)(الزمر: 7).
وقد أوجب الله تعالى عدم مودة الكافر في قوله سبحانه (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم) (المجادلة: 22) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ( فأخبر سبحانه أنه لا يوجد مؤمن يواد كافرًا، فمن واد الكفار فليس بمؤمن، والمشابهة الظاهرة مظنة المودة فتكون محرمة) (الاقتضاء 1/490) وقال أيضا: (المشابهة تورث المودة والمحبة والموالاة في الباطن كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر) (الاقتضاء 1/488).
ولايمكن أن تجتمع محبة الله تعالى ومحبة ما يحبه مع محبة الكفر وأهله في قلب واحد، فمن أحب الله تعالى كره الكفر وأهله.
الوجه الرابع: أن المحبة المقصودة في هذا العيد منذ أن أحياه النصارى هي محبة العشق والغرام خارج إطار الزوجية. ونتيجتها: انتشار الزنى والفواحش، ولذلك حاربه رجال الدين النصراني في وقت من الأوقات وأبطلوه ثم أعيد مرة أخرى. وأكثر شباب المسلمين يحتفلون به لأجل الشهوات التي يحققها وليس اعتقادا بخرافات الرومان والنصارى فيه. ولكن ذلك لا ينفي عنهم صفة التشبه بالكفار في شيء من دينهم. وهذا فيه من الخطر على عقيدة المسلم ما فيه، وقد يوصل صاحبه إلي الكفر إذا توافرت شروطه وانتفت موانعه.
ولا يجوز لمسلم أن يبني علاقات غرامية مع امرأة لا تحل له، وذلك بوابة الزنا الذي هو كبيرة من كبائر الذنوب. فمن احتفل بعيد الحب من شباب المسلمين، وكان قصده تحصيل بعض الشهوات أو إقامة علاقات مع امرأة لا تحل له، فقد قصد كبيرة من كبائر الذنوب، واتخذ وسيلة في الوصول إليها ما يعتبره العلماء كفرا وهو التشبه بالكفار في شعيرة من شعائرهم.
*** موقف المسلم من عيد الحب
مما سبق عرضه في بيان أهل هذا العيد، وقصته، والمقصود منه فانه يمكن تلخيص ما يجب على المسلم تجاهه في الآتي:
أولاً: عدم الاحتفال به، أو مشاركة المحتفلين به في احتفالهم، أو الحضور معهم لما سبق عرضه من الأدلة الدالة على تحريم الاحتفال بأعياد الكفار. قال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى: (فإذا كان للنصارى عيد ولليهود عيد كانوا مختصين به فلا يشركهم فيه مسلم كما لا يشاركهم في شرعتهم ولا قبلتهم. أهـ (تشبه الخسيس بأهل الخميس، رسالة منشورة في مجلة الحكمة 4/193)
ثانيا: عدم إعانة الكفار على احتفالهم به بإهداء أو طبع أدوات العيد وشعاراته أو إعارة، لأنه شعيرة من شعائر الكفر، فإعانتهم وإقرارهم عليه إعانة على ظهور الكفر وعلوه وإقرار به. والمسلم يمنعه دينه من إقرار الكفر والاعانة على ظهوره وعلوه. ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختص بأعيادهم لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال ولا إيقاد نيران ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك. ولا يحل فعل وليمة ولا الإهداء ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار الزينة. وبالجملة: ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم، بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام) (مجموعة الفتاوى 25/329). وقال ابن التركماني: (فيأثم المسلم بمجالسته لهم وبإعانته لهم بذبح وطبخ وإعارة دابة يركبونها لمواسمهم وأعيادهم.) (اللمع في الحوادث والبدع 2/519-520).
ثالثا: عدم إعانة من احتفل به من المسلمين، بل الواجب الإنكار عليهم، لأن احتفال المسلمين بأعياد الكفار منكر يجب إنكاره. قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: (وكما لا نتشبه بهم في الأعياد، فلا يعان المسلم بهم في ذلك، بل ينهى عن ذلك. فمن صنع دعوة مخالفة للعادة في أعيادهم لم تجب دعوته، ومن أهدى من المسلمين هدية في هذه الأعياد مخالفة للعادة في سائر الأوقات غير هذا العيد لم تقبل هديته خصوصا إن كانت الهدية مما يستعان بها على التشبه بهم كما ذكرناه، ولا يبيع المسلم ما يستعين به المسلمون على مشابهتهم في العيد من الطعام واللباس ونحو ذلك، لأن في ذلك إعانة على المنكر) (الاقتضاء 2/519-520).
وبناءا على ما قرره شيخ الإسلام فانه لا يجوز للتجار المسلمين أن يتاجروا بهدايا عيد الحب من لباس معين أو ورود حمراء أو غير ذلك، لأن المتاجرة بها إعانة على المنكر الذي لا يرضاه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم. كما لا يحل لمن أهديت له هدية هذا العيد أن يقبلها لأن في قبولها إقرار لهذا العيد.
رابعا: عدم تبادل التهاني بعيد الحب، لأنه ليس عيدًا للمسلمين. وإذا هنئ المسلم به فلا يرد التهنئة. قال ابن القيم رحم الله تعالى: (وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم عند الله وأشد مقتا من التهنئة بشرب الخمر، وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك وهو لا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبدا بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه) (أحكام أهل الذمة 1/441-442).
خامسا: توضيح حقيقة هذا العيد وأمثاله من أعياد الكفار لمن اغتر بها من المسلمين، وبيان ضرورة تميز المسلم بدينه والمحافظة على عقيدته مما يخل بها، وتذكيره بمخاطر التشبه بالكفار في شعائرهم الدينية كالأعياد أو بعاداتهم وسلوكياتهم، نصحا للأمة وأداءاً لواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي بإقامته صلاح العباد والبلاد، وحلول الخيرات، وارتفاع العقوبات كما قال تعالى (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون)(هـود: 117).
نسأل الله تعالى أن يحفظ المسلمين من مضلات الفتن وأن يقيهم شرور أنفسهم ومكر أعدائهم انه سميع مجيب. وصلى الله وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين